اذهب الي المحتوي
أوفيسنا

مقالة بالأهرام المسائى


الردود الموصى بها

مخطط أمريكي لتجـويع الشعوب

بقلم د‏.‏ محسن علي جاد

في بعض الأحيان تنشر اخبار او انباء بالصحف والمجلات في صفحاتها الرئيسية او الداخلية وتبدو للوهلة الاولي انها عادية وليس لها اي قدر من الاهمية‏,‏ بينما هي في حقيقتها تكشف امرا جللا عظيما وتحمل في طياتها دلالات خطيرة‏.‏

ومن ذلك ما اوردته الصحف المصرية من ان موقع جلوبال ريسيرش علي الانترنت قد اشاد بالتعاون الاقتصادي بين مصر والسودان‏,‏ وذكر في تقريرين للكاتبة الالمانية ميريل ميراك انه اذا تم التعاون بين البلدين في انتاج المحاصيل الزراعية فسوف يمكنهما انتاج غذاء يكفي كل افريقيا ويفيض للتصدير غير ان الجهات الدولية لا تزال تعمل بتقارير وزير خارجية الولايات المتحدة الاسبق هنري كيسنجر التي تري في اكتفاء افريقيا كثيفة السكان بالغذاء خطرا كبيرا وان علي‏30‏ دولة من بينها مصر ان تسعي لخفض عدد سكانها بدلا من تنمية مواردها‏.‏

انتهي الخبر‏,‏ وما من شك انه يفصح في ظاهرة وباطنه عن الكثير‏,‏ كما يثير الكثير من التساؤلات‏...‏

أولا‏:‏ الخبر يؤكد ما سبق نشره في العديد من الدراسات والبحوث التي ذكرت ان لمصر والسودان من الامكانات والقدرات الذاتية ما يكفل لهما مستوي عاليا من المعيشة والحياة اللائقة اذا احسن استخدام تلك الامكانات والقدرات‏.‏

ثانيا‏:‏ التكامل الاقتصادي بين مصروالسودان الذي كان هدفا منشودا خلال سنوات طويلة ماضية لم يكن مجرد أضغاث احلام طالب بها البعض من السياسيين والمفكرين دون ان تستند الي اساس واقعي‏,‏ وانما ثبت بعد مرور السنوات علي الدعوة اليه انه يقف علي ركائز وحقائق علمية صحيحة‏..‏ بل انه في ظل اجواء ازمة الغذاء التي يمر بها العالم والمتوقع ان تزداد سوءا في السنوات القادمة حسب التوقعات العلمية‏,‏ لم يعد التكامل المنشود بين البلدين ترفا يملكان اختيار التخلي عنه‏.‏ اذ اصبح الامر حتميا ليس فقط بالنسبة لهما‏,‏ وانما بالنسبة لقارة افريقيا بأكملها‏.‏

ثالثا‏:‏ من المعروف ان هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق يترأس مؤسسة ابحاث دولية تقدم توصيات هي محل اعتبار واحترام من اكبر واهم واخطر المؤسسات المالية والاقتصادية في العالم‏.‏

رابعا‏:‏ ما تضمنه الخبر المشار اليه من ان توصيات هنري كيسنجر قد وجهت تلك المؤسسات الي اهمية الحفاظ علي ان تكون قارة افريقيا الكثيفة السكان غير مكتفية من الغذاء ـ سواء ذاتيا او بالمساعدات الخارجية ـ انما يفهم منه الآتي‏:‏

ان هناك مخططا دوليا يهدف الي تخفيض ـ وليس فقط تحديد النسل ـ من شعوب افريقيا‏,‏ وبالتأكيد كل شعوب العالم الثالث‏.‏ وسيلة هذا المخطط هو تعطيل عجلة التنمية وتوجيه جميع الموارد بهذه البلدان والمساعدات المقدمة اليها من المؤسسات الدولية لتحديد وخفض اعداد السكان بها ولكن الاسوأ‏...‏

ان هذا المخطط لا يهتم بما اذا كان هذا التوجه قد يترتب عليه افقار وتجويع شعوب تلك البلدان‏..‏ بل ان ذلك المخطط ـ بهذا الشكل ـ انما يتعمد الابقاء علي شعوب افريقيا ـ والعالم الثالث ايضا ـ غير مكتفية من الغذاء‏,‏ بحيث تظل دائما ليست فقط في حاجة لمساعدات الغرب لها ومؤسساته المالية الدولية‏,‏ وانما ـ ايضا ـ ملتزمة بتعليماته وتوصياته وفي النهاية توجيهات مؤسسات بحثية دولية كتلك التي يترأسها هنري كيسنجر‏.‏

اذ ان تخفيض السكان هو الهدف مهما كانت النتائج‏.‏ والمبرر لهذا المخطط وهذا الهدف هو ما اصبح معروفا بظاهرة انخفاض عدد السكان في اوروبا ابتداء من فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية‏,‏ والمتوقع ازدياد نسبة هذا الانخفاض في السنوات القادمة‏,‏ الامر الذي يجعل الغرب ـ من ناحية ـ في أمس الحاجة لعمالة من الدول الاخري ـ وخاصة الفقيرة منها ـ لشغل وظائف قد لا تناسب الانسان الغربي‏,‏ كما ان هذا الامر يدق ـ من ناحية اخري ـ ناقوس مخاطر زحف اعداد مهولة من تلك الشعوب الي الدول الغربية للعمل ـ ولو عن طريق الهجرة غير الشرعية ـ في الوظائف المشار اليها‏,‏ حيث سيكون الغرب مضطرا لقبول اعداد كبيرة منهم ـ ولو علي مضض ـ مما قد ينعكس علي التركيبة السكانية لديها في المستقبل‏,‏ ولاننسي ان احد العوامل التي ساعدت الامبراطوريات الغربية ـ او الاستعمار بالمصطلح الخاطئ الذي اطلق عليها ـ علي غزو قارتي آسيا وافريقيا ابتداء من القرن الثامن عشر كان استقدامها جيوشا جرارة بمئات الالاف واكثر لا تملكها الان‏..‏ بينما كانت شعوب القارتين اعدادها اقل كثيرا مما هي عليه في عصرنا الحاضر‏.‏

والواقع ان توصيات هنري كيسنجر قد وضعت مصر بين‏30‏ دولة افريقية مستهدفة بهذا المخطط‏,‏ وهو ما يفسر ـ بل يؤكد ـ الكثير مما هو متداول بين شعوب تلك الدول من ان الغرب يعمل جاهدا علي عدم تحقيق اي منها اكتفاء ذاتيا في مجال الغذاء‏,‏ والاصرار علي توجيه المساعدات والمعونات الي جوانب معينة ـ بينها تحديد وتخفيض النسل ـ قد لا تحقق طموحات وآمال وخطط النهوض بالدول التي تتلقي هذه المساعدات والمعونات‏.‏ تلك حقيقة لا فكاك منها ولا مناص من التعامل معها ومواجهتها‏.‏ فالغرب ـ علي النحو السالف بيانه ـ يفضل تجويع وإفقار شعوب بعينها علي ان يدعها تنمي مواردها‏,‏ بما قد يحقق لها رفاهية قد تنعكس في زيادة اعداد سكانها‏,‏ الامر الذي يعتبره الغرب ذا مخاطر كبيرة‏.‏ وليس في هذا دعوة لكراهية الغرب او محاربتهم بأي سبل او لزيادة النسل‏...!‏

وانما هو لفت للانتباه وايقاظ للوعي والعلم والاحاطة بما يجري حول بلداننا وما يخطط لها من جانب الغرب ـ وهو من وجهة نظره حق لهم لتحقيق مصالحهم ـ ولكن الاهم هو التحرك الفعال والتعاون الخلاق لتحقيق مصالحنا ايضا وطموحاتنا‏,‏ واول خطوة علي هذا الطريق هو تحقيق الاكتفاء الذاتي ليس بالاعتماد علي الغرب ومعوناته ومساعداته المشروطة‏,‏ وانما علي انفسنا وقدراتنا وامكاناتنا الذاتية‏.‏ وفي هذا الصدد يأتي تعزيز ودفع التكامل مع الشقيقة السودان التي أصلا ليست جسدا غريبا علينا بل جزء غال من نسيجنا‏,‏ نسعد بنهضته ونفرح بعزته‏.‏

وقد سعدنا وافرحنا ما بدأ يظهر لنا في الاونة الاخيرة من تطورات وتقارب بين البلدين في المجال الاقتصادي والانتاجي‏,‏ والذي تمثل في اقامة العديد من المشروعات المشتركة في الزراعة وانتاج اللحوم والوقود الحيوي وغيرها من المشروعات التي ان دلت علي شئ‏,‏ فإنما تدل علي وعي وادراك من جانب المسئولين وصانعي القرار في البلدين لاهمية ما سيعود من فوائد نتيجة التكامل بينهما‏,‏ والذي اصبح مسألة مصير ومستقبل وأمانة في الاعناق ليس للبلدين فقط‏,‏ وانما لقارة افريقيا وشعوبها كلها‏.‏

http://massai.ahram.org.eg/Index.asp?CurFN...tm&DID=9680

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زائر
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

  • تصفح هذا الموضوع مؤخراً   0 اعضاء متواجدين الان

    • لايوجد اعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحه
×
×
  • اضف...

Important Information