إلهي ... جلّت رحمتك عن أن تترك المحزونين صرعى آلامهم حتى يدركهم اليأس ، وجلّت قدرتك عن أن تدع المصابين أسارى محنتهم حتى يدركهم الفناء ، وجلّت حكمتك عن أن تبتلي الطائعين بما يعجزهم عن طاعتك وتمد الفاجرين بما يغريهم بعصيانك ، إلا أن تكون ادخرت للعاجزين خيرا من ثواب طاعتهم ، واستدرجت الفاجرين بما يضاعف عقوبتك لهم على قبيح عصيانهم .. وجلّت عدالتك عن أن تعاقب المقصّرين النّادمين على تقصيرهم ، وتترك الغاوين السادرين في غوايتهم ، وجلّت صمديتك عن أن لا يجد في حماك المستغيثون ملاذا مهما عظمت جريرتهم ، وجلّت وحدانيتك عن أن تلجيء الحيارى إلى غير بابك ، أو أن تسقى السكارى غير شرابك ، أو أن ترد القاصدين إليك عن شرف الوصول إلى قدس أعتابك ، يا من أمد الحمل في ظلمات الرّحم بما تتم به حياته ، وأمتع الرضيع ببصره وسمعه وعقله بعد أن كان لا يملك منها شيئا ، يا من أبدع السموات والأرض ، وسخّر ما فيهما للإنسان ، وكل شيء عنده بمقدار .. يا من وسعت رحمته كل شيء ، ابسط يد الرحمة لعبادك الذين سدت في وجوههم أبواب الخلاص إلا أن يكون عن طريقك ، وأسبغ على نفوسهم برد الرضى بقضائك ، والصبر على بلائك ، وأمدهم بالعون على ما هم فيه ، حتى يخلصوا إليك راضين عنك راضيا عنهم ، وعوّضهم خيرا مما أخذت منهم ، وأنزلهم دارا خيرا من دارهم ، وآنسهم بجوار خير من جوارهم ، وأحباب خير من أحبابهم ، وأخلفهم من فلذات أكبادهم ، إنك نعم الخليفة في الأهل والولد ، وأنت نعم المولى ونعم النّصير . اللهم ءامين