اذهب الي المحتوي
أوفيسنا
بحث مخصص من جوجل فى أوفيسنا
Custom Search

فضيلة التفكر


أبومشعل

الردود الموصى بها


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد

فاعلم أنه قد أمر الله تعالى بالتفكر والتدبر في كتابه العزيز في مواضع لا تحصى وأثنى على المتفكرين فقال تعالى (( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات الأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا ... الآية )) وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن قوما تفكروا في الله عز وجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله )) وروي في الأثر عن أبى الدرداء ( تفكر ساعة خير من عبادة سنة ) وقال حاتم : من العبرة يزيد العلم ، ومن الذكر يزيد الحب ، ومن التفكر يزيد الخوف ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى : ( استعينوا على الكلام بالصمت ، وعلى الاستنباط بالفكر ) ثم إن ثمرة الفكر هي العلم واستجلاب معرفة ليست حاصلة ، وإذا حصل العلم في القلب تغير حال القلب ، وإذا تغير حال القلب تغيرت أعمال الجوارح ، فالفكر إذا هو المبدأ ولمفتاح للخيرات كلها لأنه الذي ينقل من المكاره إلى المحاب ، ويهدي إلى استثمار العلوم ونتاج المعارف والفوائد .
واعلم أن أنواع مجاري الفكر أربعة : الطاعات والمعاصي والصفات المهلكات والصفات المنجيات .
فأما المعاصي : فينبغي أن يفتش الإنسان صبيحة كل يوم جميع أعضائه السبعة هم بدنه ، هل هو في الحال ملابس لمعصية فيتركها ، أو لابسها بالأمس فيتداركها بالترك والندم ، أو هو متعرض لها في نهاره فيستعد للاحتراز والتباعد عنها ، فينظر في اللسان ويقول : إنه متعرض للغيبة والكذب وتزكية النفس والاستهزاء بالغير والمماراة والممازحة والخوض فيما لا يعني إلى غير ذلك من المكاره ، فيقرر أولا في نفسه أنها مكروهة عند الله تعالى ، ويتفكر في شواهد القرآن والسنة على شدة العذاب فيها فيحترز منها . ويتفكر في سمعه أنه يصغي به إلى الغيبة والكذب وفضول الكلام وإلى اللهو ، وأنه ينبغي أن يحترز عنه . ويتفكر في بطنه أنه إنما يعصي الله تعالى فيه بالأكل والشرب : إما بكثرة الأكل من الحلال وذلك مكروه عند الله وإما بأكل الحرام والشبهة فيتفكر في الاحتراز عن مداخله ويتفكر في طريق الحلال وموارده . ويقررعلى نفسه أن العبادات كلها ضائعة مع أكل الحرام ، وأن أكل الحلال هو أساس العبادات كلها . فهكذا يتفكر في أعضائه حتى يحفظها .
وأما الطاعات : فينظر أولا في الفرائض المكتوبة عليه أنه كيف يؤديها وكيف يحرسها عن النقصان والتقصير ، أو كيف يجبر نقصانها بالنوافل . ثم يرجع إلى عضو عضو فيتفكر في الأفعال التي تتعلق به مما يحبه الله تعالى ، ويعمل على أن يطيع الله تعالى بها ، ويتفكر فيما يرغبه في البدار إلى تلك الطاعات ، ويتفكر في إخلاص النية فيها ، وقس على هذا سائر الطاعات .
وأما الصفات المهلكة التي محلها القلب : وهي استيلاء الشهوة والغضب والبخل والكبر والعجب والرياء والحسد وسوء الظن والغفلة والغرور وغير ذلك ، ويتفقد من قلبه هذه الصفات ويتفكر في طريق العلاج لها .
وأما المنجيات : فهي التوبة والندم على الذنوب والصبر على البلاء ، والشكر على النعماء والخوف والرجاء ، والزهد في الدنيا ، والإخلاص والصدق في الطاعات ، ومحبة الله وتعظيمه ، والرضا بأفعاله ، والشوق إليه ، والخشوع والتواضع له .
أما ذكر مجامع تلك الأحوال فلا يوجد فيه أنفع من قراءة القرآن بالتفكر ، فإن القرآن جامع لجميع المقامات والأحوال ، وفيه شفاء للعالمين ، فيه ما يورث الخوف والرجاء والصبر والشكر والمحبة والشوق وسائر الأحوال ، وفيه ما يزجر عن سائر الصفات المذمومة ، فينبغي أن يقرأه العبد ويردد الآية التي هو محتاج إلى التفكر فيها مرة بعد أخرى ولو مائة مرة ، فقراءة آية بتفكر وفهم خير من ختمة بغير تدبر وفهم .
وكذلك مطالعة أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه قد أوتي جوامع الكلم ، وكل كلمة من كلماته بحر من بحور الحكمة ، ولو تأملها العالم حق التأمل لم ينقطع فيها نظره طول عمره .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زائر
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

  • تصفح هذا الموضوع مؤخراً   0 اعضاء متواجدين الان

    • لايوجد اعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحه
×
×
  • اضف...

Important Information